مقدمة

“دراية” هي زاوية توعوية يطلقها المرصد الفلسطيني “تحقق” بالتعاون مع مركز “كايسيد” كأحد مخرجات زمالة “الصحافة  للحوار”، وتهدف إلى تسليط الضوء على خطاب الكراهية، تعريفه، أنواعه، وأثره على المجتمع الفلسطيني. ونسعى من خلال هذه الزاوية إلى تعزيز وعي الجمهور بأهمية مكافحة خطاب الكراهية وخلق بيئة رقمية آمنة تدعم قيم التسامح والتعايش.

 

 

ما هو خطاب الكراهية؟

خطاب الكراهية هو كل تعبير لفظي أو كتابي أو بصري يحرّض على الكراهية أو التمييز أو العنف تجاه فرد أو مجموعة بناءً على هويتهم العرقية أو الدينية أو السياسية أو الاجتماعية.

 

خصائص خطاب الكراهية

في السياق الفلسطيني، يتميز خطاب الكراهية بعدة خصائص:

  • الإسقاط السياسي والاجتماعي: يرتبط غالبًا بالانقسام الداخلي والصراعات السياسية.
  • التلاعب بالمصطلحات: استخدام كلمات مهينة أو مجازية لإحداث تأثير سلبي على المتلقي.
  • تأثير الإعلام الرقمي: انتشار واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يزيد من صعوبة مواجهته.

أمثلة محلية:

  • وصف مجموعة أو فصيل سياسي بأوصاف مثل “العملاء” أو “الميليشيات الخارجة عن القانون”، مما يعمق الانقسامات.
  • استخدام مصطلحات مثل “الخونة” أو “الظلاميون” في المناقشات السياسية.
  • نشر مقاطع فيديو أو صور تحتوي على رسائل تحريضية موجهة ضد مجموعات معينة.

أنواع خطاب الكراهية:

1. خطاب الكراهية المرتبط بالهوية:

تمييز على أساس الدين، المنطقة، أو الجنس.

أمثلة: التعليقات المسيئة حول أصول الأفراد أو معتقداتهم.

2. خطاب الكراهية السياسي:

مهاجمة المواقف السياسية للأفراد أو المجموعات بعبارات مهينة.

أمثلة: وصف الخصوم السياسيين بالخيانة أو العمالة.

3. خطاب الكراهية المنظم:

يُدار من جهات رسمية أو مجتمعية لتعزيز الكراهية بين فئات المجتمع.

أمثلة: حملات إعلامية تستهدف فئات معينة بشكل ممنهج.

4. خطاب الكراهية في القضايا الاجتماعية:

يتناول قضايا مثل حقوق المرأة أو الحقوق المدنية.

أمثلة: استخدام لغة استهزائية عند مناقشة هذه القضايا.

لماذا يجب أن نهتم بمكافحة خطاب الكراهية؟

1. المخاطر الاجتماعية:

  • تعزيز الانقسامات بين فئات المجتمع.
  • نشر ثقافة العنف وعدم التسامح.

2. المخاطر النفسية:

  • زيادة حالات التوتر والقلق لدى الأفراد المستهدفين.
  • تعزيز الشعور بالعزلة والانطواء.

3. المخاطر القانونية:

  • المساس بالحقوق الرقمية وحرية التعبير.
  • تقويض قيم الديمقراطية.

4. المخاطر الاقتصادية:

  • التأثير على الإنتاجية بسبب بيئة العمل السلبية.
  • إضعاف فرص الاستثمار في مجتمع يعاني من التفرقة.

كيف نتصدّى لخطاب الكراهية؟

1. التوعية:

  • نشر الوعي بأثر خطاب الكراهية.
  • تعزيز قيم التسامح والتنوع.
  • تقديم ورش عمل توعوية تستهدف مختلف الفئات العمرية.

2. الإبلاغ:

  • استخدام أدوات الإبلاغ على منصات التواصل الاجتماعي.
  • تشجيع الأفراد على الإبلاغ عن المحتوى المسيء بدلاً من التفاعل معه.

3. التربية الإعلامية:

  • تعليم الشباب كيفية التمييز بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
  • تعزيز مهارات التفكير النقدي.

4. التشريعات والسياسات:

  • تعزيز القوانين التي تعاقب على خطاب الكراهية.
  • الضغط على شركات التكنولوجيا لتحسين سياساتها بشأن المحتوى المسيء.

5. المبادرات المجتمعية:

  • إطلاق حملات توعوية بمشاركة شخصيات مؤثرة.
  • تنظيم فعاليات محلية لتعزيز ثقافة الحوار البناء.

قصص من الواقع:

  • خطاب الكراهية الناتج عن الانقسام السياسي بين الفصائل الفلسطينية:  تشهد الساحة الفلسطينية تصاعدًا في خطاب الكراهية المرتبط بالاستقطاب السياسي، حيث يولّد الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس” اتهامات متبادلة وتحريضًا إعلاميًا يُضعف الوحدة الوطنية.

من الأمثلة على ذلك:

  1. حملة تحريض وتراشق إعلامي متبادل في عام 2019: في أعقاب حراك “بدنا نعيش” الشبابي في غزة، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين أنصار “فتح” و”حماس”، حيث تبادل الطرفان خطابًا يحضّ على الكراهية، وتعمّد كلّ منهما نشر صور ومقاطع مفبركة لتشويه صورة الآخر.
  2. اتهامات بالتخوين والتعاون مع الاحتلال: يلجأ مسؤولون من طرفي الانقسام إلى استخدام نعوت تخوينية متطرفة؛ إذ وصف نواب من “حماس” التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بأنه “خيانة عظمى”، ودعوا إلى الانتفاض ضد ما سموه “جرائم السلطة”. في المقابل، وجّه مسؤولون في “فتح” اتهامات إلى “حماس” بـ”خدمة أجندات خارجية” والتفريط بالحقوق الوطنية، على خلفية محادثاتها مع واشنطن.
  • خطاب الكراهية الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي: يُنتج واقع الاحتلال الإسرائيلي المستمر بيئة خصبة للتحريض والكراهية المتبادلة. وقد تكررت في الإعلام الإسرائيلي وعلى لسان سياسيين يمينيين دعوات علنية للعنف ضد الفلسطينيين.

من الأمثلة على ذلك:

  1. هتافات عنصرية في القدس عام 2021: في أبريل/نيسان 2021، خرج مئات المستوطنين اليهود المتطرفين في مسيرات استفزازية مرددين شعار “الموت للعرب” أمام باب العامود في القدس الشرقية.
  2. تحريض إبادي عبر الإنترنت خلال حرب 2021: تزامنًا مع العدوان الإسرائيلي على غزة وهبّة أيار داخل الخط الأخضر، انتشرت مجموعات تحريضية مغلقة على مواقع التواصل العبرية، دعت إلى أبشع أشكال العنف ضد الفلسطينيين، من بينها منشورات صادمة طالبت بـ”إبادة العرب، وقتل أطفالهم، وتعقيم نسائهم، وتفجير منازلهم”، مع تكرار شعار “الموت للعرب”.
  3. دعوات رسمية لمحو بلدة فلسطينية: في مارس/آذار 2023، أدلى وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بتصريح عدائي صادم قال فيه: “يجب محو قرية حوارة من الوجود، وعلى دولة إسرائيل أن تفعل ذلك”، وجاء ذلك عقب قيام مئات المستوطنين بحرق منازل وممتلكات أهالي حوارة شمال الضفة، مما أضفى على التصريح طابعًا تنفيذيًا خطيرًا.
  • التنمّر الرقمي والقضايا المجتمعية في السياق الفلسطيني: مع الانتشار الواسع للإعلام الاجتماعي بين الفلسطينيين، برزت ظاهرة التنمّر الرقمي وخطاب الكراهية في القضايا المجتمعية والشخصية، مستهدفة فئات مختلفة مثل النشطاء وأصحاب الرأي، النساء، والأقليات أو من يخالفون الأعراف السائدة.

من الأمثلة على ذلك:

  1. خطاب كراهية مرتبط بجائحة كورونا عام 2020: مع تفشي فيروس COVID-19 في فلسطين، ظهر نمط جديد من الكراهية على المنصات الرقمية، حيث تعرض المصابون بالفيروس لحملات تنمّر ووصم اجتماعي، كما وُجهت اتهامات إلى العمال الفلسطينيين العائدين من الداخل المحتل بنقل العدوى. ولم تسلم الأقليات الآسيوية في الضفة من تعليقات عنصرية تربطهم بالجائحة. كما تعرّضت وزيرة الصحة الفلسطينية لهجوم إلكتروني وانتقادات حادة خلال إدارتها للأزمة.
  2. استهداف النساء بالعنف الرقمي: تواجه النساء الفلسطينيات الناشطات وصاحبات الرأي حملات تنمّر وابتزاز إلكتروني متصاعدة. وتشير تقارير حديثة إلى تصاعد أنماط العنف الرقمي ضد النساء، بما يشمل التنمّر، التهديدات، والابتزاز، في ظل غياب الحماية القانونية الكافية.
  3. يتعرض النشطاء والمعارضون لحملات تنمّر رقمي مدفوعة في كثير من الأحيان من جهات ذات نفوذ، مما يجعلهم يدفعون ثمنًا باهظًا لمواقفهم.
Back to top button