بين التصريحات الرسمية وشهادات المبعدين.. هل هناك منع فعلي لإصدار جوازات سفر لمبعدي “طوفان الأحرار”؟

الادعاء |
السلطة الفلسطينية تمتنع عن إصدار جوازات سفر للأسرى المحررين المُبعدين إلى الخارج ضمن صفقة “طوفان الأحرار”. |
قالت صفحات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي إن السلطة الفلسطينية تمتنع عن إصدار جوازات سفر لعدد من الأسرى المحررين المبعدين إلى الخارج، ضمن صفقة “طوفان الأحرار”.
واستندت هذه الصفحات في ادعائها إلى تقرير نشرته شبكة “قدس” الإخبارية، والذي تناول قضية عدم تجديد جوازات السفر لعشرات الأسرى المبعدين. غير أن التقرير أشار بوضوح إلى أن المشكلة تتعلق بالأسرى المبعدين ضمن صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، في حين أن عنوان التقرير لم يعكس هذه التفاصيل بشكل دقيق، مما أدى إلى التباس في فهم محتواه.
تحرّى المرصد الفلسطيني “تحقّق” صحة الادعاء المتداول من خلال التواصل مع مدير مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة “حماس”، ناهد الفاخوري، الذي أكد لـ”تحقّق” صحة ما ورد في تقرير شبكة “قدس” الإخبارية، موضحًا أن المسألة تتعلق بتجديد جوازات السفر للأسرى المحررين المبعدين ضمن صفقة “وفاء الأحرار” (شاليط) عام 2011، وليس بالأسرى المبعدين حديثًا في صفقات التبادل الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. كما أشار إلى أن التأخير مرتبط بوزارة الداخلية في رام الله.
وأوضح الفاخوري لـ”تحقق” أنه لا يوجد رقم محدد للأسرى الذين لم يتم تجديد جوازات سفرهم، نظرًا لأن الأعداد في تزايد مستمر، حيث تختلف تواريخ انتهاء صلاحية الجوازات من شخص لآخر، مما يدفع كل أسير تنتهي مدة جوازه أو تقترب من الانتهاء إلى التوجه للسفارة لتقديم طلب التجديد دون أن يتلقى ردًا.
وأشار الفاخوري إلى أن الأسرى المحررين في تركيا راجعوا القنصلية الفلسطينية في إسطنبول بشأن الأمر، إلا أن القنصلية أبلغتهم بأن القضية مرتبطة بوزارة الداخلية في رام الله، وليس ضمن صلاحياتها المباشرة.
كما زوّد الفاخوري “تحقق” بقائمة تضم عددًا من الأسرى المحررين المبعدين إلى الخارج ضمن صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، والذين لم يتم تجديد جوازات سفرهم حتى الآن، وهم:
|
|
وتواصل فريق “تحقق” مع عدد من الأسرى الواردة أسماؤهم في القائمة السابقة، ومن بينهم الأسير المحرر سعيد شلالدة، الذي قال لـ”تحقق” إنه قدّم طلب تجديد جواز السفر الخاص به ولزوجته وأولاده، حيثُ تم تجديد جوازاتهم، بينما لا يزال جوازه عالقًا منذ عامين. وأضاف أن هذا التأخير يؤثر على إقامته وإقامة زوجته وأولاده، التي شارف موعد انتهائها على الاقتراب، كما يؤثر على تعليمهم وتنقلهم، إذ إن القانون التركي يلغي جميع الحقوق عند انتهاء الإقامة.
وزوّد شلالدة المرصد بصورة لوصل طلب تجديد الجواز في السفارة التركية بتاريخ 18 مايو/أيار 2023، بمبلغ 50 يورو، أي ما يقارب 200 شيقل، بالإضافة إلى صورة أخرى لجواز سفره، الذي يظهر تاريخ انتهاء صلاحيته في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023. وهذا يعني أنه قدّم الطلب قبل انتهاء صلاحيته بثمانية أشهر، ولم يحصل عليه حتى الآن رغم تواصله الدائم لمعرفة الأسباب والحلول.
![]() |
![]() |
كما أكد الأسير المحرر يوسف القرم، للمرصد أنه لم يتم تجديد جواز سفره دون أي مبررات واضحة، مشيرًا إلى أن السفارة الفلسطينية أبلغته بأن الجواز لا يزال قيد الفحص الأمني، رغم مرور ستة أشهر على تقديمه.
و أفاد الأسير المحرر أشرف أبو مرخية لـ”تحقق” بأنه لم يتلقَّ أي إخطار رسمي من السلطة الفلسطينية بمنعه من الحصول على جواز سفر، لكنه أوضح أنه تقدّم بطلب إصدار “بدل تالف” منذ ستة أشهر تقريبًا، ولم يتلقَّ أي رد حتى الآن.
وزارة الداخلية تنفي الامتناع عن إصدار جوازات سفر للأسرى المحررين والمبعدين مؤخرًا، لكنها لم تقدم تفسيرًا لتأخر تجديد جوازات عدد من الأسرى المبعدين ضمن صفقة “شاليط” عام 2011
في بيان رسمي، نفى الناطق الإعلامي باسم وزارة الداخلية، محمد التميمي، صحة الأنباء المتداولة بشأن امتناع الوزارة عن إصدار جوازات سفر للأسرى المحررين المبعدين إلى الخارج، مؤكدًا أن الإدارة العامة للجوازات قامت بإصدار جوازات السفر فورًا للأسرى المحررين المتواجدين في مصر، وبدون أي رسوم، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس الفلسطيني. وأضاف أنه تم تسليم الجوازات لأصحابها من خلال محطات البيومتري في السفارة الفلسطينية بالقاهرة.
من جانبه، أوضح مدير عام الجوازات، ناصر أبو فخيدة، لـ”تحقق” أن جميع الأسرى الذين تحرروا مؤخرًا وتم إبعادهم إلى مصر حصلوا على جوازات سفر وفق النظام البيومتري، وذلك عبر السفارة الفلسطينية في القاهرة. وأشار إلى أنه تم التعامل مع هؤلاء الأسرى بصورة استثنائية، حيث أُعفوا من رسوم الجوازات بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتم تسريع إجراءات إصدار الجوازات وإرسالها بشكل عاجل لضمان حصولهم عليها قبل أي ترحيل إلى دولة أخرى.
وعند سؤاله حول آلية تجديد جوازات السفر للمغتربين، ومن بينهم الأسرى المبعدون، أوضح أبو فخيدة أن النظام البيومتري المتبع من قبل الوزارة في عدد من السفارات الفلسطينية حول العالم يتطلب مدة تتراوح بين 10 إلى 14 يومًا، حيث يتوجب على المواطن التوجه إلى السفارة الفلسطينية في الدولة التي يقيم فيها، واستكمال إجراءات الطلب التي تشمل تصوير الوجه، وأخذ البصمة، وإدخال البيانات، والتوقيع على الجواز. وبعد ذلك، يتم ترحيل البيانات إلكترونيًا إلى إدارة الجوازات في فلسطين، حيث تتم طباعة الجواز وإرساله إلى السفارة عبر البريد الفلسطيني.
وأكد أبو فخيدة أن التأخير قد يحدث فقط في حال وجود نقص في الوثائق أو مشكلة فنية، لكنه شدد على أن العملية سلسة وسريعة بالنسبة للمواطنين الذين يقدمون طلباتهم عبر السفارات الفلسطينية في مصر، برلين، تركيا، الأردن، وقطر، حيث يتم إرسال الجوازات بالبريد الفلسطيني خلال 10 أيام إلى أسبوعين بعد الطباعة.
وهو ما أكده عدد من الأسرى المحررين حديثًا والمبعدين إلى القاهرة ضمن صفقة “طوفان الأحرار” 2025، حيث صرّح كل من محمود شريتح، أحمد دهيدي، سليم حجة، ربيع أبو الرب، ربيع البرغوثي، عمر صالح الشريف، وأسامة الأشقر لـ”تحقق” بأنهم استلموا جوازات سفرهم بالكامل بعد الإفراج عنهم، ولم يواجهوا أي مشكلة تتعلق بإصدارها.
وفيما يتعلق في أسباب تأخير تجديد جوازات الأسرى المحررين المبعدين عن الوطن ضمن صفقة وفاء الأحرار ( شاليط ) 2011 بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي قال ناصر أبو فخيدة مدير عام الجوازات لـ”تحقق” أنه لا يملك معلومات بخصوص هذا الموضوع.
خلاصة التحقق |
بعد تدقيق مرصد “تحقق” في الادعاءات المتداولة حول امتناع السلطة الفلسطينية عن إصدار جوازات سفر للأسرى المحررين المبعدين، يتبيّن أن وزارة الداخلية الفلسطينية لم تمنع إصدار الجوازات للأسرى الذين تحرروا مؤخرًا ضمن صفقات التبادل التي تخللت وقف إطلاق النار في غزة (طوفان الأحرار)، بل سهلت إجراءات الحصول الفوري عليها. ومع ذلك، لم تقدم الوزارة تفسيرًا واضحًا بشأن تأخر تجديد جوازات بعض الأسرى المحررين المبعدين ضمن صفقة “وفاء الأحرار” (شاليط) عام 2011، حيث تأكد فريق المرصد من وجود تأخير في تجديد جوازات عدد من المبعدين لفترات متفاوتة. |
مصادر التحقق | مصادر الادعاء |
|