مرصد “تحقّق” يكشف حقيقة مقاطع منسوبة لأسطول الصمود: اثنان منها مولدان بالذكاء الاصطناعي وواحد قديم استُخدم في غير سياقه

انتشرت في الآونة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي ثلاثة مقاطع فيديو، قال متداولوها إنها توثّق وصول “أسطول الصمود” إلى قطاع غزة، ما أثار اهتمام الجمهور.

في هذا التقرير، يتقصّى المرصد الفلسطيني “تحقّق” حقيقة المقاطع المتداولة، من خلال البحث العكسي في المصادر المفتوحة، وتحليلها باستخدام تقنيات التحقق الرقمي المتخصصة وأدوات كشف التزييف.

وقد تبيّن أن مقطعين منها مُولَّدان بواسطة الذكاء الاصطناعي، في حين يعود المقطع الثالث إلى مشاهد وُثِّقت سابقًا، قبيل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأسطول واعتقال نشطائه.

وأظهر الفحص، باستخدام أداة “Sightengine” المتخصصة في كشف المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي، أن المقطع الأول يحتوي على 86% من المحتوى الاصطناعي، ما يشير إلى عدم صحته.
بينما بلغ معدل التوليد الاصطناعي في المقطع الثاني 99%، مما يؤكد عدم واقعية هذه المقاطع أيضًا

وبفحص المقطعين من قِبل الفريق التقني في مرصد “تحقّق”، توصّل إلى مجموعة من الأدلة والمؤشرات التي تؤكد بوضوح أن الفيديوهين غير حقيقيين، ومُولَّدان باستخدام الذكاء الاصطناعي.

كما تبيّن أن الصوت المصاحب للمقطع يعود إلى جمهور عراقي خلال إحدى المباريات، حيث كانوا يهتفون: “بالروح بالدم نفديك يا عراق”، وقد نُشر هذا الفيديو سابقًا عبر قناة “نور سبورت” على يوتيوب بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2024.

كما نشرت صفحة قناة “الجزيرة – تونس” مقطع فيديو يُظهر لحظات استعداد نشطاء ومؤيدي أسطول “صمود العالمي” في ميناء سيدي بوسعيد التونسي، وهم يرفعون الأعلام ويحملون لافتات دعمًا للفلسطينيين، استعدادًا لانطلاق الأسطول المتجه نحو قطاع غزة، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على الأراضي الفلسطينية.

وفي السياق ذاته، نشرت “وكالة غيتي إيميجز” (Getty Images) صورة التقطها المصوّر فتحي بلعيد لصالح وكالة الصحافة الفرنسية (Agence France-Presse) للتجمع ذاته، حيث أوضح المصوّر أن منظّمي الأسطول أعلنوا، في التاسع من سبتمبر/أيلول 2025، أن قاربًا آخر تابعًا لهم تعرّض لهجوم بطائرة مسيّرة قبالة السواحل التونسية، وأن الأسطول كان من المقرر أن يستأنف رحلته في اليوم التالي بعد سلسلة من التأجيلات”.

الدكتور بركات زيود: تأثير مقاطع الفيديو المُولَّدة بالذكاء الاصطناعي على الجمهور

في هذا السياق، تواصل مرصد “تحقّق” مع الأكاديمي الأردني والخبير في التربية الإعلامية والرقمية، الدكتور بركات زيود، الذي أوضح أن وقوع الجمهور في فخ التضليل يُعد أمرًا طبيعيًا، نتيجة ضعف الوعي بتقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرتها على اختلاق أحداث لم تحدث فعليًا، وهو ما قد يدفع البعض إلى تصديقها لفترات طويلة.

وأشار زيود إلى أن استخدام مشاهد مأخوذة من دول أخرى يخلق صورة زائفة عن الواقع، ويؤدي إلى تداول معلومات مغلوطة وتكوين آراء خاطئة. كما لفت إلى أن استجابة الجمهور تختلف بحسب مستوى وعيه وقدرته على التفكير النقدي، فكلما ازدادت معرفته بهذه التقنيات، زادت قدرته على التمييز بين الحقيقي والمزيّف.

وأضاف أن مقاطع الفيديو المُولَّدة بالذكاء الاصطناعي قد تُعزز مشاعر التضامن أو التعاطف، رغم عدم صحتها، كما أنها قد تُشوّه المشاعر وتُنتج انطباعات خاطئة، ما يُسهم في تعميق الانقسام بين فئات الجمهور.

وشدّد زيود على أهمية التحقّق من صحة الفيديوهات قبل مشاركتها لتجنّب التضليل، مشيرًا إلى أن المنصات الإعلامية قادرة على مواجهة هذا التحدي من خلال إنتاج محتوى موثوق، ورصد المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي، مع تعزيز حملات التوعية الإعلامية بشكل مستمر.

واختتم الدكتور زيود حديثه بالتأكيد على الدور المحوري للتربية الإعلامية، والتغطيات الصحفية المستمرة، في رفع وعي الجمهور بمخاطر الفيديوهات المضلّلة، وتعزيز قدرته على التعامل معها بوعي ونقد.”

الآثار المترتبة على الادعاء