المرصد الفلسطيني “تحقق” يقف على حقيقة ادعاءات تشكك بمعاناة الفلسطينيين ضمن حملة “باليوود”
تشهد منصات التواصل الاجتماعي تدفقاً للمعلومات المضللة مع استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا سيما الادعاءات التي تشكك بمعاناة الفلسطينيين ضمن حملة تحت شعار “Pallywood”، تقوم عليها حسابات إسرائيلية وأخرى غربية.
في هذا التقرير يقف فريق المرصد الفلسطيني “تحقق” على جملة من هذه الادعاءات الجديدة، يفندها وفق الآتي:
أولًا: التشكيك بصحة صورة الأسير الفلسطيني العاري بزعم توليدها بالذكاء الاصطناعي
نشر حساب “Lisa Liel” عبر منصة “إكس” صورة تُظهر شاباً مكبل اليدين على كرسي مقابل جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعلق الحساب عليها بالقول: “..يدرك معظمكم أنها من صنع الذكاء الصناعي.. هناك ظل خلف الكرسي يشير إلى اتجاه الضوء. ومع ذلك، الجندي لا ينعكس ظله على الشخص في الكرسي”.
وقد انتشر الادعاء بالتزامن مع التفاعل والتعاطف الكبيرين الذين حظي بهما الفلسطيني الظاهر في الصورة عقب نشرها من قبل الجندي الإسرائيلي الظاهر فيها، ويدعى “Yosee Gamzoo”، قبل أن تُحذف ويُقفل حسابه في موقع “فيسبوك”.
وقف فريق المرصد في تقرير سابق على حقيقة الصورة والادعاء المرفق معها، وتبين أنها حقيقية، إذ بعد فحصها من قبل الفريق التقني في المرصد بواسطة أداة “Hivemoderation” -المتخصصة بفحص المحتوى المنتج بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي- تبين أنها أصيلة ولم تُولّد بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب خلوّها من التشوهات التي تشير عادةً إلى التلاعب بالصور، كما أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية صحة الصورة التي نشرها جندي من الجيش الإسرائيلي لنفسه مع معتقل من غزة، إذ أشارت إلى أن الجندي سُرّح من خدمة الاحتياط، وأُطلق سراح الفلسطيني المعتقل بعد انتهاء التحقيق معه، وفقًا لما نقلته عن جيش الاحتلال.
ثانياً: التشكيك بحقيقة اغتيال ثلاثة شبان داخل مستشفى بمدينة جنين
ضمن حملة “باليوود” شكك حساب يدعى “GAZAWOOD” بحقيقة اغتيال ثلاثة شبان فلسطينيين على يد قوة خاصة إسرائيلية بتاريخ 30 يناير/كانون ثاني 2024 داخل مستشفى ابن سينا بمدينة جنين، وذلك بنشر صور من عملية الاغتيال، والتشكيك في حيثياتها استناداً إلى ما يأتي:
أولًا: التشكيك بصحة إصابة الشهيد باسل الغزاوي، ومكوثه في المستشفى فترة ثلاثة أشهر، لكونه لا يرتدي ملابس المستشفى وإنما ملابس “ميدانية”.
ثانيًا: عدم ارتدائه الحفاظات الطبية التي تُستخدم عادة مع المرضى المصابين بالغيبوبة، وعدم توصيله بالأجهزة الطبية الخاصة بهم.
ثالثًا: عدم وجود جرح في رأس الشهيد باسل بخلاف الصور الأخرى المتداولة التي تُظهر ثقباً في الوسادة وآثار الدماء.
رابعًا: الاستعانة بفيديو سابق للشهيد باسل قبل عملية اغتياله يظهر فيها مستيقظاً وبنفس الملابس التي كان يرتديها لحظة اغتياله.
خامسًا: الشهيد باسل دخل المستشفى مصاباً بقدمه نتيجة عبثه بعبوة ناسفة كان يُعدّها بهدف إلحاق الأذى باليهود.
الحساب ذكر تفاصيل أخرى قال إنها الحقيقة فيما يتعلق باغتيال الشبان الثلاثة، بالادعاء بكونهم اتخذوا من المستشفى مكاناً للتخطيط لتنفيذ عملية في المدى القريب قبل أن يغتالهم جيش الاحتلال.
وقف المرصد الفلسطيني “تحقق” على حيثيات الادعاء وما استند إليه من تفاصيل، من خلال التواصل مع إدارة مستشفى ابن سينا، إذ أوضحت الإدارة لـ”تحقق” أن باسل الغزاوي أُصيب في العمود الفقري بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2023، إثر استهدافه من مسيرة إسرائيلية أثناء تواجده في مقبرة مخيم جنين، وأضافت أنه يمكث -منذ ذلك التاريخ- في قسم العناية المكثفة لتلقي العلاج لخطورة إصابته، وبيّنت أنه نُقل قبل 15 عشر يوماً من حادثة اغتياله إلى قسم العلاج الطبيعي، إذ كان يعاني من شلل نصفي نتيجة إصابة عموده الفقري.
وحول تشكيك الادعاء بالثقب الذي ظهر في وسادة باسل، أرجعت إدارة المستشفى لـ”تحقق” وجود ثقب في الوسادة إلى الرصاصة التي أطلقها أفراد القوة الخاصة تجاهه، إذ دخلت في فم الشهيد باسل وخرجت من مؤخر رأسه.
وبشأن اللباس المدني الذي كان يرتديه الشاب المصاب وكان موضع تشكيك الادعاء، أوضحت إدارة المشفى أن المرضى والمصابين في قسم العلاج الطبيعي لا يرتدون الملابس الخاصة بالمستشفى، ليشعروا بالارتياح، وأضافت الإدارة أن ملابس المستشفى يرتديها المريض أو المصاب داخل غرفة العناية المكثفة، وهو ما يوثقه مقطع فيديو التُقط للشهيد في بداية تلقيه العلاج الطبيعي.
ولفتت النظر إلى كذلك تواجد شقيقه محمد الغزاوي وصديقه محمد وليد جلامنه، في ذات الغرفة لمساعدته في الحركة والذهاب إلى الحمام وتوفير الطعام وغيره من الاحتياجات.
ورصد فريق “تحقق” مقطع فيديو يوثق تسلل قوة خاصة إسرائيلية لمستشفى ابن سينا متنكرين بزي مدني وطبي ونسائي، قاموا باغتيال الشقيقين باسل ومحمد الغزاوي، والشاب محمد وليد جلامنة.
ثالثاً: التشكيك بفيديو يوثق لحظة إجلاء مصابين في رفح
نشر حساب يدعى “Palestine Fiction” فيديو يظهر عدداً من المصابين، وعلق عليه يالقول: “جرحى فلسطينيون ينتظرون وضع الكاميرات بشكل صحيح حتى يتمكنوا من تصويرهم أثناء إجلائهم”.
بالبحث في المصادر العلنية تبين صحة الفيديو، وهو من توثيق المصور الصحفي محمود بسام، وليس مشهداً تمثيلياً كما نص الادعاء.
وفي التفاصيل، أوضح موثق الفيديو محمود بسام لـ”تحقق” أن المصابين الظاهرين في مقطع الفيديو أصيبوا بشظايا مختلفة خلال وجودهم جوار مركبة استهدفها جنود الاحتلال عند المقبرة شرق مدينة رفح بتاريخ 4 فبراير/شباط الجاري.
ونفى بسام أن يكون المشهد تمثيلياً، وأشار إلى أن المواطنين الموجودين في محيط المنطقة نقلوا المصابين عبر جرار زراعي لعدم توفر حمالات طبية لنقلهم وعدم قدرة مركبات الإسعاف على الوصول إليهم.
وزود المصور فريق المرصد بمقطع فيديو إضافي يوثق لحظة إخلاء أحد المصابين بوساطة ملاءة ونقله إلى مستشفى الشهيد يوسف النجار لتلقي العلاج، مشيراً إلى أن إصاباتهم وصفت بالطفيفة والمتوسطة.
رابعاً: التشكيك بفيديو لأطفال فزعوا بفعل قصف استهدف مركبة في محيطهم خلال فعالية ترفيهية للأطفال
نشر حسابان عبر منصة “إكس” يدعى الأول “PalestinFiction”، والآخر “GAZAWOOD1” مقطع فيديو يُظهر مجموعة من الأطفال والصحفيين وسط فعالية ترفيهية للأطفال، إذ يفزع الأطفال عقب سماعهم دوي انفجار في محيط مكان وحودهم، فيما عُقب عليه في إطار التشكيك بالقول: “أُلقيت مفرقعات نارية في الخلفية وأُلقي باللوم على إسرائيل”، وفي ادعاء آخر نُشر الفيديو تحت وسم “باليوود” في إشارة إلى أنه مشهد درامي وليس حقيقي.
بالوقوف على حقيقة الفيديو وصحة الادعاء من خلال البحث في المصادر العلنية، تبين أن الفيديو يوثق فعالية ترفيهية للأطفال النازحين في مدينة رفح، لكن جرى توظيفه في سياق مضلل.
وتوصل فريق المرصد إلى مقطع فيديو آخر للحادثة ذاتها من توثيق الصحفي عدلي أبوطه، الذي أوضح لـ”تحقق” تفاصيل ما حدث بالقول: “كنا نغطي فعالية ترفيهية للأطفال النازحين في مخيم الشابورة بمدينة رفح في 7 فبراير/شباط من الشهر الجاري، وخلال التغطية استُهدفت مركبة مدنية بالقرب من بوابة المخيم بصاروخين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما تسبب بفزع الأطفال عقب سماعهم دوي القصف خلال الفعالية الترفيهية”.
ونفى أبو طه بشكل قاطع استخدام ألعاب نارية خلال الفعالية الترفيهية للأطفال، إذ وثق استهداف المركبة الذي أسفر عن استشهاد شخص كان بداخلها.
مصادر التحقق | مصادر الادعاء |
|
الادعاء الأول:
الادعاء الثاني: الادعاء الثالث: الادعاء الرابع: |