بين منتقد وساخر.. السبب الحقيقي وراء مشاجرة نواب البرلمان التركي
إعداد: رنا صلاحات
نشرت مواقع إخبارية تركية وعربية مقاطع فيديو توثق شجارًا وقع خلال جلسة النواب التركي بشأن نائب معارض مسجون، وبدأ الشجار عندما قام النائب ألباي أوزالان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم بتوجيه لكمة إلى النائب المعارض أحمد سيك بينما كان الأخير ينتقد الحكومة بشأن النائب المعتقل جان أتالاي.
وبدأت المشادات عندما صعد النائب عن حزب العمال التركي (TİP) أحمد شِك، إلى المنصة ليبدأ حديثه، مما أثار غضب النواب من حزب العدالة والتنمية (AKP) الذين قاموا بالاحتجاج على تصريحاته.
وتصاعدت حدة المشادات بشكل سريع حتى وصلت إلى اشتباك جسدي وعراك بالأيدي، عندما اعتدى النائب عن حزب العدالة والتنمية، ألباي أوزلان، على شِك، مما أدى إلى إصابته وسقوطه على الأرض، وعلى إثر ذلك، نشب شجار عنيف بين النواب، حيث أصيب النائب عن حزب الديمقراطية (DEM)، غولستان كوجيكيت، بجروح.
بعد وقوع الحادث، تم تعليق الجلسة لأكثر من ثلاث ساعات قبل أن تستأنف برئاسة رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، الذي قرر فرض عقوبة “التوبيخ” على كل من شِك وأوزلان.
وتعليقًَا على الحادثة، أدلى كل من حزب العمال التركي (TİP) وحزب اليسار الأخضر “DEM” بيانًا عبر حساباتهم الرسمية على منصة إكـس، -تويتر سابقًا-، يوضحون فيه ما حدث.
لاقت الحادثة تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي لاسيما الساخر منها، حيث ربطها مستخدمون في سياقٍ ساخر بزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تركيا، وإلقائه خطاباً أمام البرلمان التركي واجتماعه في الجمعية العامة للبرلمان التركي، في العاصمة التركية أنقرة، الخميس 15 أغسطس/آب الجاري، حول المستجدات المتعلقة باستمرار الحرب في قطاع غزة.
ومنها تغريدات ساخرة تدعي أن “زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتركيا وإلقائه كلمة في البرلمان التركي هي الفتنة التي تسببت بالشجار الذي وقع بين النواب”.
وتغريداتٍ أخرى ساخرة، إذ وصفها البعض بأنها “حلبة مصارعة” .
والبعض علّق مستهزئاً بأنهم سوف يتصالحون بأكل “المناسف”.
وعلّق الإعلامي أمجد طه على الحادثة في تغريدة على حسابه في “إكس”، منتقدًا ما حدث بالقول: “إنهم يريدون تحرير غزة ولكنهم لا يستطيعون تحرير أنفسهم من غضبهم”.
المواقع الإخبارية فقد غطت الشجار في توصيفاتٍ مختلفة، حيث أطلق التلفزيون العربي عليها وصف “تحول إلى حلبة” ، فيما عَنوَن موقع الشرق للأخبار الحادثة بـ” مشاجرة دموية“.
كما علّقت عليها صحيفة الشرق الأوسط بالقول : “تلطخت الأرض بالدماء”.
من هو “جان أتلاي”؟
جان أتلاي هو عضو في حزب العمال التركي (TİP) وناشط بارز في احتجاجات “جيزي بارك” عام 2013 التي اندلعت ضد خطة حكومية لتحويل الحديقة إلى مجمع تجاري. هذه الاحتجاجات تطورت بسرعة إلى مظاهرات وطنية ضد سياسات الحكومة، واستخدمت الشرطة التركية القوة المفرطة، مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا وإصابة الآلاف.
في 2022، حُكم على أتلاي بالسجن لمدة 18 عامًا بتهمة “محاولة الإطاحة بالحكومة“، وهي تهمة نفى صحتها، معتبرًا أن الاحتجاجات كانت عفوية.
في مايو 2023، انتُخب أتلاي كعضو في البرلمان التركي بينما كان في السجن، لكن تم إسقاط عضويته في سبتمبر من نفس العام بقرار من المحكمة الجنائية العليا. في أكتوبر 2023، ألغت المحكمة الدستورية هذا القرار، معتبرةً أن حقوقه كعضو منتخب قد انتهكت، إلا أن محكمة النقض العليا رفضت الامتثال لقرار المحكمة الدستورية، بتأييد من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 10 نوفمبر، مما أدى إلى أزمة دستورية غير مسبوقة في تركيا.
ردود فعل الأحزاب التركية على قرار المحكمة الدستورية
عقب نشر القرار في الأول من أغسطس/آب الجاري، نشر رئيس حزب العمال التركي (TİP) تغريدة عبر منصة “إكـس”، يصف فيها إبقاء أتلاي في السجن بـ”العار”، وطالب فيها بإطلاق سراحه على الفور والسماح له باستئناف واجبه بعد أداء اليمين الدستورية كنائب.
وأيّده في دعوته رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل من خلال تغريدةٍ عبر حسابه الرسمي على منصة “إكـس”، طالب فيها بإعادة جميع حقوق أتلاي، وإطلاق سراحه ليؤدي اليمين، والرئيس المشارك لحزب الديمقراطية تونجر باكرهان، الذي وصف أتلاي أنه “سجين سياسي”.
وبناءً على قرار المحكمة الدستورية، قدمت أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري (CHP) وحزب الديمقراطية والتقدم (DEVA) وحزب العمال التركي (TİP) في 9 أغسطس/ آب 2024، طلبًا لرئاسة البرلمان التركي لعقد جلسة استثنائية، الهدف منها مناقشة قرار المحكمة الدستورية وإعادة أتلاي إلى مقعده.
الجلسة الاستثنائية للجمعية الوطنية الكبرى
دعا رئيس الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، نعمان كورتولموش، الجمعية العامة إلى اجتماع يوم الجمعة 16 أغسطس 2024، بناءً على الدعوة لعقد اجتماع استثنائي لجان أتلاي بتوقيعات عدد كاف من النواب، وبعد أن استكملت المناقشات الأولية لاقتراح المناقشة العامة والخطب الجماعية للأطراف، لكن برفض أغلبية الأصوات لم تُفتح المناقشة العامة، وهو الأمر الذي زاد من التوترات الحادة في الجلسة.
حقوق الإنسان والسيادة القانونية في تركيا
وفقًا لأحدث تقرير سنوي للمفوضية الأوروبية، والذي نُشر في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.، فإن تركيا تشهد تراجعًا واضحًا في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية واستقلال القضاء وسيادة القانون.
ونشر رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا إردينش ساغان، بيانًا، قال فيه إن “هدف محكمة النقض العليا كان إلغاء المحكمة الدستورية بحكم الأمر الواقع”.