المرصد الفلسطيني “تحقق” يقف على حقيقة تصريحات “أدرعي” بشأن المسارات الآمنة للنازحين في شمال غزة
نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أمس الأربعاء، 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مقطع فيديو يُظهر نازحين، مرفقًا بتصريح مفاده أن جيش الاحتلال يواصل توفير مسارات منتظمة وآمنة للنازحين في منطقة جباليا، والسماح لهم بالنزوح بشكل آمن.
وأضاف أفيخاي، أن الجيش يواصل -من خلال وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق- التواصل مع جهات المجتمع الدولي والمؤسسة الصحية للحفاظ على عمل أنظمة الطوارئ في المستشفيات، وأشار إلى أن ذلك يجري من خلال نقل العتاد الصحي ومخزون من الوقود، بناء على الوضع العملياتي، مبينًا أن إخلاء الطواقم والمرضى والمرافقين يجري بتنسيق مع مكتب التنسيق والارتباط.
وقف فريق المرصد الفلسطيني “تحقق” على حقيقة التصريح الصادر عن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال محركات البحث الرقمية، وشهادات نازحين وتغطيات صحفية، وتبين أنها ادعاءات مُضللة.
شهادة حصرية لـ “تحقق”: يعرضون النازحين أمام الكاميرات
كشف نازح -يتحفظ المرصد عن ذكر هويته حفاظاً على سلامته- من شمال قطاع غزة لـ”تحقق” تفاصيل ما يمر به النازحون أثناء عبورهم الممرات الآمنة، مبينًا أن النازحين يُقسّمون إلى نساء ورجال، وفي بعض الأحيان يوزّعون بناءً على العمر، فيُعزل من هم أكبر من ١٥ سنة عن الآخرين، ويضيف أن الخطوة التالية عرضهم كمجموعات من خمسة أشخاص على كاميرات، وهو ما يحدد هل يُعتقل النازح أو يؤمر بإكمال طريقه.
وزود المصدر مرصد “تحقق” بصورة تظهر فيها الكاميرات ومكان تواجدها.
خلافًا لمزاعم الاحتلال: نازحون يدلون بشهاداتهم
تروي الممرضة في مركز إسعاف بشمال قطع غزة، نيفين الدواوسة لموقع” الجزيرة نت“، أمس الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول، تفاصيل رحلة نزوحها في الممرات، التي يدعي الاحتلال أنها آمنة، وتصف ما تعرضت تعرضت له خلال وجودها في مركز إيواء بمخيم جباليا، والحالات التي شهدتها بالأهوال.
وقالت إن قوات الاحتلال أعطت النازحين، أول أمس الاثنين، مهلة مدتها ساعة لإخلاء المركز، لكنها غدرت بهم وبدأت بقصفه بعد 10 دقائق فقط، وهو ما أدى إلى استشهاد 10 وإصابة 30 آخرين، مضيفةً إنها لم تتمكن من تقديم خدمات الإسعاف للمصابين، لعدم توفر أي إمكانات لديها، وقالت إنها شاهدت العشرات من الجثث ملقاة في الشوارع في طريق نزوحها إلى غزة.
ونفت الممرضة بشدة أن تكون الممرات التي تحددها قوات الاحتلال “آمنة”، وتضيف “فرزوا الرجال على جنب والنساء على جنب، واعتقلوا أكثر من 20 رجلًا، بينهم طبيب”، كما أشارت إلى أن جنود الاحتلال تعاملوا مع النساء “باحتقار وتعمدوا إهانتهن وترويعهن”، وتابعت بالقول: “قالوا لنا: إما أن تسيروا في طريق حددوه أو سوف يقنصوننا أو يضربوننا بالعصي وسيقذفوننا بالحجارة”.
ولفتت إلى أنها صُدمت خلال رحلة نزوحها من حجم الدمار الهائل في مباني وطرق مخيم جباليا، وتضيف “كل شيء مدمر، كل المنازل والأبراج والمحلات التجارية، دُمّر المخيم كليا”.
وتلخص الدواوسة الحصار الذي تعرضت له خلال الأيام الماضية بالقول “أيام من الموت، قصف بطائرات وروبوتات مفخخة و(طائرات) كواد كابتر، هلع، خوف، قصف مدفعي، قصف دور (بيوت)”.
وفي تقرير لوكالة الأناضول، معنون بـ “الممرات الآمنة.. مصيدة إسرائيلية لاستهداف النازحين شمال غزة”، تضمن شهادات منفصلة وثقتها الوكالة، يقول ياسر حمد -الذي وصل مدينة غزة نازحًا من مخيم جباليا برفقة عائلته المكونة من 11 فردًا- لمراسل الأناضول، إنهم قطعوا “مسافة 10 كيلومترات سيراً على الأقدام”، ويضيف “على مدار 17 يومًا رفضت عائلتي وغيرها من آلاف الأسر شمال قطاع غزة أوامر النزوح الإسرائيلية، إلى أن فرض علينا الأمر وخرجنا مجبرين من مراكز الإيواء في جباليا”.
وبيّن حمد أن الجيش الإسرائيلي أرسل، صباح الاثنين الماضي، طائرة مسيرة ثبتوا عليها مكبرًا للصوت، إلى مركز الإيواء الذي كانوا يقيمون به، وأخطرتهم بضرورة “الخروج والاتجاه جنوبًا عبر مسار محدد وآمن”، ويوضح أن الجيش الإسرائيلي أوهم النازحين بالأمان وأوعز لهم بمغادرة المكان، وبعد لحظات، استجاب النازحون وبدأوا بالتجهز والتجمع في ساحة المركز الرئيسية حتى باغتتهم قذيفة مدفعية سقطت فوق رؤوسهم ما تسبب بمقتل عدد منهم وإصابة آخرين، وفق حمد. ويتابع بالقول: “من بين الشهداء كان نجلي أحمد، الذي لم أتمكن من وداعه أو احتضانه للمرة الأخيرة أو حتى تكفينه ودفنه كما يجب”.
وتصف النازحة أسمهان شتات، الممر الآمن بالقول: “فاجأنا الاحتلال خلال التزامنا السير عبر المسار الآمن بالقصف، فأصيب 3 من أبنائي بجروح طفيفة إثر قذيفة مدفعية سقطت على بعد أمتار من مكان سيرنا”.
عائلة شتات وصلت مركز إيواء غرب مدينة غزة بعد أن مرت برحلة نزوح مرعبة، -بحسب وصف العائلة- أصيب خلالها 3 من أبنائها إثر قذيفة مدفعية استهدفت ممر النزوح الذي كان مليئًا بالنازحين.
وتقول أسمهان شتات -والدة الأطفال الثلاثة المصابين- إن الجيش أمرهم بالخروج من مركز الإيواء عبر المسار الذي ادعوا أنه آمن، وتفيد بأن عددًا من النازحين -أيضًا- أصيبوا بجراح مختلفة بشظايا القذيفة، مبينة أن النازحين تمكنوا من نقل الإصابات بعربة يجرها حيوان لنقطة طبية داخل أحد مراكز الإيواء. وتقول واصفة المسار الآمن: “هذا المسار خطة خداع ومكر ممنهجة وواضحة من الجيش الإسرائيلي هدفها قتل الفلسطينيين عبر استهدافهم بكل الطرق”.
ونشر الصحفي أنس الشريف مقطع فيديو يظهر استهداف عربة حصان كانت تَقل نازحين، في منطقة جباليا النزلة، شمال قطاع غزة، ما أسفر عن خمس شهداء، وعدد من المصابين.
وفي مقاطع فيديو، نشرها التلفزيون العربي ضمن تقريره اليوم الخميس 24 أكتوبر، نقلًا عن مشاهد نشرها جيش الاحتلال، وأخرى وثقها صحفيون، تُظهر التهجير القسري تحت تهديد السلاح، على الهواء مباشرة، بحق النازحين في شمال قطاع غزة، ومخيم جباليا على وجه التحديد، وحشر النازحين بين الأبنية، وإجبارهم على سلك طُرقٍ حددها الجيش يدّعي أنها آمنة.،
إلا أن النازحون أكدوا للتلفزيون العربي أنهم تعرضوا للاستهداف أثناء سلوكهم هذه الممرات، وهو ما أظهرته المشاهد، كما تظهر جثامين الشهداء ملقاة على الأرض.
الاحتلال يتسبب بانهيار القطاع الصحي والخدماتي
ناشد المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة الدكتور منير البرش -خلال مقابلة مع قناة الجزيرة،- الدول العربية إرسال أكفان للشهداء إلى مستشفيات شمال غزة، مؤكدًا أن الأكفان التي أرسلت سابقًا نفدت.
وقال البرش -خلال حديثه- إن “الاحتلال يحاصر المستشفيات ويقتل الأطباء بشكل فيه نوع من العنف والتوحش، والحقيقة إن ما يفعله جيش الاحتلال الإسرائيلي شمال القطاع جريمة حرب مكتملة الأركان بقتل الناس وتهجيرهم”، وأضاف أن جيش الاحتلال قتل أكثر من ألف كادر طبي واعتقل 310 في قطاع غزة، مؤكدًا أن الاحتلال يحاصر مستشفيات شمال غزة ويمنع الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية من إيصال الأدوية والوقود والطعام والماء لليوم الـ19 على التوالي.
وأردف قائلًا إن “الأطباء والمرضى لا يجدون لقمة خبز أو شربة ماء في مستشفيات شمال غزة، وبدل أن يجد المريض العلاج في المستشفى، أصبح يموت ويدفن داخلها، لتتحول إلى مقابر جماعية”، وأكد البرش أن القانون الدولي يمنع استهداف المستشفيات؛ لكن جيش الاحتلال جعل من المستشفيات هدفًا رئيسًا ضمن خطته لتهجير السكان من شمال القطاع.
في السياق، أعلن جهاز الدفاع المدني، مساء أمس الأربعاء 23 أكتوبر/ تشرين الأول، أن الخدمات الإنسانية خرجت عن الخدمة بشكل كامل في محافظة شمال غزة، من بينها الخدمات الطبية، والدفاع المدني، مشيرًا إلى حصار مستشفى الإندونيسي بالإضافة إلى مستشفيي العودة وكمال عدوان. وأكد تواجد مواطنين حتى اللحظة داخل منازلهم في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، مبيّنًا أنهم لن يتمكنوا من تقديم أي خدمة إنسانية لهم إذا ما جرى استهدافهم.
الاحتلال يحاصر شمال غزة برًا وجوًا
في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ جيش الاحتلال عمليات قصف غير مسبوق على مخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة بمحافظة شمال القطاع، قبل أن يعلن، في اليوم التالي- بدء اجتياح لهذه المناطق، بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة” بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.
في سياقٍ متصل، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الشبان الفلسطينيين للتحقيق معهم، في إطار العملية العسكرية في جباليا شمال قطاع غزة، وسط استمرار حملة الإبادة واستهداف المستشفيات لغرض تهجير السكان.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن المعتقلين نُقلوا إلى مراكز التحقيق التابعة لجهاز الأمن العام (الشاباك) ولمراكز وحدة 504 التابعة للاستخبارات العسكرية عبر الشاحنات، وأضافت أن حملات الاعتقال التي ينفذها الجيش شمال القطاع تأتي كجزء من عملية تطويق جباليا وإخلاء السكان من المنطقة، إذ أقام الجيش الإسرائيلي نقاط عبور تشمل تفتيش النازحين وفصل النساء والأطفال عن الرجال؛ للتأكد من عدم تورطهم في عمليات يصفها الجيش الإسرائيلي بالإرهابية.
وكان الجيش الإسرائيلي ذكر أن قواته ألقت القبض على العشرات ممن وصفهم بالمسلحين، وأضاف أنه -منذ بدء العملية العسكرية في جباليا في وقت سابق من هذا الشهر- أُجلي عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من جباليا من خلال ممرات خصصتها إسرائيل ووصفتها بأنها “إنسانية”، رغم أنها تحولت بشهادة شهود عيان إلى مصائد لقتل واعتقال الفلسطينيين.
كما زعم جيش الاحتلال أن قواته قتلت أمس “العديد من المسلحين” وصادرت أسلحة، خلال حربها على جباليا.
في سياقٍ متصل، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي وسّع وصعّد عملياته الحربية لتشمل مشروع بيت لاهيا إلى جانب مخيم جباليا شمال القطاع، إذ ألقت الطائرات الإسرائيلية، صباح أول أمس الثلاثاء 22 أكتوبر/ تشرين أول، منشورات تُخطر سكان بيت لاهيا -بمن في ذلك من هم في مراكز الإيواء والمستشفيات- بإخلائها قسرًا، والتوجه باتجاه مستشفى “الإندونيسي” في جباليا، إذ تقيم قوات الاحتلال حاجزًا للتفتيش قبل إجبار السكان على مغادرة شمال غزة، كما حدث خلال اليومين الماضيين مع الآلاف الذين كانوا يتواجدون في مراكز الإيواء محيط مستشفى “الإندونيسي.”
استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام المنصرم، تَشن إسرائيل حربًا على غزة، أسفرت عن ارتقاء ما يزيد عن 42 ألف شهيد، وأكثر من 99 ألف جريح، و10 آلاف من المفقودين، وفقًا للتقارير الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية ومكتب الإعلام الحكومي في غزة.
ووفق آخر معطيات نشرها مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن عدد حالات الاعتقال في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر العام الماضي- بلغت 16300 حالة اعتقال، ممن تمكن المركز من توثيقه، و2 مليون نازح، وتدمير ما يقارب 36 ألف بناية سكنية بشكل جزئي وكلي.
مصادر التحقق | مصادر الادعاء |
المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي. |